Click here for more!

السبت، 31 مارس 2012

أشعر أن الزواج مسؤولية كبيرة...مخاوف فتاة



أنا عندي سؤال لا أعرف لماذا عندما يتقدم لخطبتي أحد أخاف من المسؤولية والارتباط، أشعر أن الزواج مسؤولية كبيرة! وتلزم الشخص وتربطه بحياة جديدة.. أحس بالخوف، علماً بأن فتيات كثيرات يشعرن بالسعادة، أما أنا لا! كنت في الماضي أعتذر لأنني أدرس بالجامعة، ولكن الآن ليس لي عذر.

ودائماً أسمع المتزوجين يشتكون من المسؤولية، والأولاد، فهذا شكل عندي هذه المخاوف، وأخاف من المستقبل، وأن يتغير الشخص الذي سأرتبط به، بأن يكون جيداً ثم يصبح غير جيد، لا أعرف لماذا هذا الخوف؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ yasmeen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنك قد وصفت طبيعة الشعور الذي لديك تجاه الزواج وطبيعة نظرتك العامة وصفاً واضحاً جلياً، فأنت الآن بالفعل تشعرين بشيء من الرهبة من أمر الزواج وبمجرد أن تفكري في الأمر وتشعري أنه قد اقترب تشعرين بشيء من القلق الظاهر، الذي يجعلك لا تشعرين بحقيقة السعادة، كما أشرت في كلامك الكريم وكما يحصل عادةً للفتيات. فما السبب في ذلك؟

إن هذا الأمر يحتاج إلى العودة شيئاً ما إلى ذكرياتٍ قد عرضت لك، سواءٌ كانت في أول صباك أو حتى بعد بلوغك، فإن ما يقع في مسامعك من أن فلانةً قد حصل لها مشاكل عديدة مع زوجها، وأن زوجها يعاملها المعاملة السيئة، أو أن فلانةً قد طُلقت من زوجها، أو أنها تُعاني الآن من سوء معاملة أهل زوجها أو أن زوجها كان حسن العشرة معها ثم تغير عليها، وغير ذلك من المشاكل التي لا نهاية لها، كل هذا قد أثر عليك، فنظرتك إلى الزواج هي نظرة التخوف لكثرة ما ترينه في المجتمع المحيط بك من أسباب الخلاف والمشاكل بين الزوجين، حتى إنك بعبارة واضحة وإن لم تصرحي بهذا المعنى تجدين عدم الأمان في الزواج، ولأجل ذلك تشعرين بالخوف والقلق بمجرد التفكير فيه، فهذا هو الذي يشرح لك هذا الشعور الذي لديك، وهذا يا أختي أمر أنت معذورةٌ فيه ولست بالملامة ولكن أيضاً لا بد من الوصول إلى النظرة السليمة والقدر المعتدل، نعم ..يوجد هنالك مشاكل كثيرة تقع بين الزوجين بل ربما أدى إلى الطلاق أيضاً، وما أكثر أن يقع ذلك، ولكن: هل كل الرجال سواء؟ وبعبارة أخرى: هل كل الأزواج في مستوى واحد؟ إن منهم من يقدر زوجته ومن ينزلها المنزلة اللائقة بها، بل وأعظم من ذلك ؛ لأنه قد أخذ بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم)..لأنه قد فقه حقيقة معنى الزواج، فهو يعلم أنه عطاءٌ وبذل، وحب واحترام وتقدير ومكارمة، وسكينة ورحمة بين الزوجين، ومحبةٌ عميقة ومودةٌ صادقة {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .

إذاً: فليس كل الأزواج سواء، كما أنه ليس كل الزوجات على المستوى المطلوب المرغوب، فإن منهن الصالحات ومنهن دون ذلك، فتارةً يكون الخلل من الزوجة وتارةً أخرى من الزوج، وربما كان الخلل من كليهما، وربما أيضاً وجد الزوجان الصالحان اللذان يبنيان عش الزوجية على الحب والمودة، وقد أسسا بيتهما على تقوى الله وعلى رعاية حدوده، فهذا يا أختي هو الميزان العدل الذي لا بد أن تأخذي به، وإذا أخذت بهذا النظر انكشف عنك همٌ عظيم، وزال عنك هذا القلق لأنك تعلمين حينئذ أن الأزواج ليسوا على شاكلة واحدة، وإنما العبرة بحسن الاختيار وهذا يحتاج إلى توفيقه جل وعلا أولاً، ثم إلى معرفة كيفية تقييم الزوج الصالح وما هو المعيار الذي يُقيم به الخاطب الذي يتقدم إليك، وأصل ذلك أن تعلمي أن الأوصاف التي يُقيم بها الخاطب الصالح هي مجموع وصفين اثنين: فالأول الدين المستقيم، والثاني الخلق الحسن، وهما اللذان جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض) أخرجه الترمذي في سننه، وفي رواية: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، قالوا وإن كان فيه ؟ قال: وإن كان فيه –ثلاث مرات-) .

وأما ما سوى ذلك من الأوصاف المكملة كالمنظر المقبول، وكالمستوى المادي مثلاً أو التعليمي، أو غير ذلك من الأمور التي يرغب فيها الناس فهذا يختلف بحسب اختلاف الناس وأذواقهم وأعرافهم وطبائعهم ، وإن كان الأصل العام الذي لا بد أن يتحقق هو الدين المستقيم والخلق الحسن، وبعد ذلك قد يُتسامح في كثير من الأوصاف ويختار فيها القدر المتوسط، وخير الأمور أعدلها وأوسطها.

فالمقصود يا أختي أن حسن الاختيار هو الذي يوصلك إلى الزواج المستقر وإلى السعادة فيه، فهوني على نفسك وإذا تقدم إليك خاطب فانظري في أوصافه وزنيه بهذا الميزان النبوي الذي بينه صلوات الله وسلامه عليه ناصحاً أمته، فمتى ما رأيت فيه ديناً وخلقاً فلا تترددي في القبول به، فإنه حينئذ الزوج الذي يُسعدك بإذن الله عز وجل، وأما إن رأيته مختلاً في دينه وخلقه فإن الزواج لا يحتمل المخاطرة ولا يحتمل المغامرة ومن كان مختلاً في أحد هذين الأمرين فإنه ليس بأهل لأن يكون زوجاً يسعدك ويقر عينك فاعرفي ذلك واطمئني يا أختي .

ومما تخرجين به من هذه الفكرة أن تنظري إلى أن هنالك بحمد لله زيجات بحمد الله ناجحات، بل على أتم الوصف وأحسنه، وإنما يتم ذلك إذا التقى الزوجان على طاعة الله جل وعلا، وكان كل منهما يتعامل مع الآخر بالمودة والاحترام، وبما أمر الله جل وعلا من الإحسان وعرفا أسلوب المعاشرة اللطيفة الرفيقة التي ينبغي أن يكون بين الزوجين، فهذا يا أختي هو الذي يوصلك بإذن الله إلى هذا المعنى فلا تترددي في قبول الخاطب الصالح متى ما تقدم إليك، ولا تلتفتي إلى هذا المعنى الذي ينقدح في نفسك، ولكن اخرجي منه بالمنظر إلى المحاسن العظيمة التي تحصلينها بالزواج، وكذلك بمعرفتك أنه لا غنى لك عن الزوج الصالح، ثم بعد ذلك أحسني الاختيار تظفري بإذن الله بسعادة الدين والدنيا.

وأما عن خوفك من المسؤولية فلا تلتفتي إلى هذا المعنى، فإنك بحمد الله قادرةٌ عليها، وإنك بإذن الله عز وجل تستطيعين بحسك الفطري الأنوثي أن تصلي إلى أفضل الأمور وأكملها، والعلم مقدمٌ على العمل فتعلمي وخذي بالأسباب تصلي إلى المراد في ذلك، وقد بينا هذه المعاني في عدة أجوبة يمكنك الاستفادة منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق