Click here for more!

الخميس، 26 أبريل 2012

زواج الحب و الزواج التقليدي…


كما توقعت، تنوّعت وجهات النظر في الردود التي جاءت على السؤال الذي طرحته في تدوينتي السابقة: ” أيهما يدوم أكثر..زواج الحب أم الزواج التقليدي؟ ” ، و بالرغم من تنوع وجهات النظر هذه ، إلا أن معظمها كان موافقاً لرأيي حول الموضوع، و هو: أن دوام أو نجاح العلاقة الزوجية، لا يعتمد على كون الزواج كان نتاجاً لقصة حب، أو أنه قد تمّ بالطريقة التقليدية، و إنما يعتمد على قدرة الطرفين على العمل على إنجاح العلاقة و إيجاد السبل التي تقوّيها و تجعل منها علاقة أبدية.

بداية، هل يولد الحب بعد الزواج؟ سؤال يتردد كثيراً في أذهان المقبلين على الزواج، و هناك العديد ممن يرفضون فكرة الزواج التقليدي، مثل الأخت مها، لاعتقادهم أن الحب إذا لم يوجد قبل الزواج فلن يوجد بعده! و أنا – مع احترامي لرأي الجميع- أعارض هذه الفكرة، و أرى أن الحب الحقيقي ( مع وضع خطّين تحت كلمة حقيقي) يولد بعد الزواج… فأنا قد تزوجت زواجاً تقليدياً، و سمحت لي فترة الخطوبة أن أتعرف على زوجي أكثر و أن أحبه، و لكن بعد الزواج، أحسست بالحب بمعناه الحقيقي و العميق، و الذي يختلف كثيراً عن الحب الرومانسي الذي يوجد قبل الزواج، لأن العلاقة الزوجية، ترتبط بعوامل و متغيرات عديدة تؤثر عليها، فهي لم تعد علاقة شخصية تربط هذين الشخصين فقط، و إنما تشعّبت و امتدت لتحتوي الأهل و المجتمع و ظروف الحياة و المسؤوليات والأولاد و غير ذلك، و كل هذه المتغيرات تضع الحب في مد و جزر، و ارتفاع و هبوط، مما يؤدي إلى صقل هذا الحب و تقويته، و الانتقال به إلى مرتبة أرقى و أسمى. و توافقني في هذا الرأي كل من دودو و رشا و ندى، اللواتي مررن جميعاً بتجربة الزواج التقليدي، و أجمعن على وجود الحب الحقيقي بعد الزواج.
لكن هذه الفكرة تنطبق أيضاً على الزيجات المبنية على الحب، فالحب الموجود قبل الزواج، هو جزء صغير و صورة مبسطة عن الحب الذي يوجد بعده، لأن العلاقة الزوجية، تعمل على توطيد أواصر الحب الذي ولد قبلها، و تضعه تحت العديد من الاختبارات، التي تثبت مدى قوّته و صدقه، و قدرته على التأقلم مع مسؤوليات و صعوبات الحياة، و ربما هنا يكمن السبب في فشل بعض الزيجات المبنية على الحب، لأنه لم يكن حباً حقيقياً منذ البداية، و إنما علاقة رومانسية سطحية، خاضعة للمشاعر و الأحاسيس و الغرائز الطبيعية التي أوجدها الله –تعالى- في كل منّا، و بين هذين المفهومين اختلاف عميق و فرق شاسع.
تؤيد الفكرة السابقة أمولة بقولها: ” أنا متزوجة عن حب بس اظن إنو الحب الحقيقي هو اللي إجا بعد الزواج و خاصة بعد وجود الأولاد”

ولكن هل يعني هذا أن الزواج التقليدي ناجح دائماً؟ ليس بالضرورة، فبعض الزيجات التقليدية تتم دون النظر منذ البداية إلى العوامل التي قد تؤدي إلى نجاح هذا الزواج أو فشله، و تكون محكومة بعادات و تقاليد مجتمعية، لا تأخذ العديد من الأمور المهمة بعين الاعتبار. كنت قد ناقشت في تدوينات سابقة (متى نقول للزواج نعم .. و متى نقول لا؟ الجزء الأول و الجزء الثاني) العوامل المختلفة التي يجب النظر إليها و دراستها بدقة قبل الزواج، و أعتقد أن هذه العوامل يجب دراستها في الحالتين للتأكد من قدرة هذه العلاقة على الاستمرار في المستقبل و التصدي لكل التحديات و الصعوبات و المسؤوليات التي تواجهها.

و لكن رفض فكرة الزواج التقليدي لمجرد الظن بأن العلاقة الزوجية في هذه الحالة ستكون علاقة عادية و عقلانية خالية من أي مشاعر، يعتبر رفضاً ليس في محلّه، و أذكّر نفسي و إياكم بالآية الكريمة: ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” (سورة الروم – الآية 21)، فالله تعالى يبارك العلاقة الزوجية الصحيحة، و يجعل بين الزوجين فيها سكناً و موّدة (حب) و رحمة.

في النهاية ، أود أن أعلق على رد ويسبر التي ذكرت نقطة مهمة بقولها: ” في قصص كتيرة صار فيها تعوّد بين الزوجين وما صار حب”… و هذه النقطة صحيحة في العديد من الحالات… في الواقع، في كل حالات الزواج (سواء كان تقليدياً أو عن حب)، فالإحساس بالتعوّد على الطرف الآخر، يصبح هو الشعور الطاغي بعد مرور فترة طويلة على الزواج، وهذا الشعور بحد ذاته هو أجمل أشكال الحب، لأن التعوّد يعني شعور كل طرف بضرورة وجود الشريك إلى جانبه دائماً، و عدم القدرة على الاستغناء عنه، مهما كان بينهما من مشاكل أو اختلافات، و مهما مضى على علاقتهما من زمن!

أختم قولي بالتأكيد على النقطة التي ذكرتها سابقاً، و هي أن على كلا الطرفين العمل و بجهد على إنجاح الزواج، و ليس توقّع وجود علاقة مثالية و كاملة، خالية من أي تضحيات، لأن هذا التفكير، يمهّد الطريق شيئاً فشيئاً إلى مقبرة الزواج!

شكراً على تفاعلكم و مشاركاتكم التي أثرت الموضوع و أضافت له نكهة مميزة…
و أتمنى التوفيق للجميع في الحياة الزوجية، و جميع مناحي الحياة ;) 
Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق